نص كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات في المنطقة 07 رجب 1445هـ – 18-01-2024م

أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}[المائدة: الآية32]، صدق الله العلي العظيم.
مائة يومٍ يزيد عليها أربعة أيام، من الإجرام اليهودي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وارتكب العدو الإسرائيلي خلال هذه الأيام أكثر من مائة يوم، يزيد عليها أربعة أيام، ارتكب أكثر من ألفي مجزرة وجريمة (جريمة إبادة جماعية) في استهدافه للشعب الفلسطيني في غزة، أكثر من ألفين جريمة، جريمة إبادة جماعية، معظم الشهداء فيها من الأطفال والنساء، مع الحصار، ومنع الغذاء والدواء، والتجويع للشعب الفلسطيني، بل ومنع الماء، المحاصرة حتى في الحصول على الماء وبقية الاحتياجات الضرورية والإنسانية.
عدوانٌ ظالم، بكل ما فيه من تدميرٍ شامل، ومن قتلٍ جماعيٍ، ومن استباحةٍ للشعب الفلسطيني، وإجرامٌ واضح لا التباس فيه، كل ما يعتبر بحسب القوانين، بحسب الأعراف، بحسب الشرائع، بكل الاعتبارات لدى البشر في التوصيف للجريمة بأنها جريمة، يمارسها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وضد أبناء الشعب الفلسطيني، وباعتراف ومشاهدة من مختلف دول العالم، الكل يعترف بأن تلك جرائم، وإن تنكر الأمريكي والبريطاني، في موقفٍ شاذ بين كل الأمم وكل الدول وكل الشعوب والبلدان؛ فلانتمائهما الصهيوني ومشاركتهما في الإجرام، مع أنهما يصلان هما إلى مستوى الاعتراف في كثيرٍ من التصريحات.
كل العالم يعترف، ويشاهد ما يحدث هناك، ليس ما يفعله العدو الإسرائيلي يحصل في ظل جهل وعدم معرفة من الدول، فأثَّر عليها ذلك في مدى اهتمامها بما يجري هناك، ومدى إحساسها بالمسؤولية تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، الكل يعرف، والأمم المتحدة كجهة تعتبر نفسها معنيةً بما يحصل من مشاكل، أو أزمات، أو حروب، أو مظالم، تعرف بما يحدث هناك، فمجلس الأمن يعرف، المنظمات التي لها علاقة أخص، كما هو حال منظمة التعاون الإسلامي، التي معنية بالمسلمين وما يحدث على المسلمين، الكل يعرف بما يحصل على الشعب الفلسطيني ومدى المظلومية، الجامعة العربية التي هي في نطاق أخص على مستوى البلدان العربية، أيضاً الكل يعرف، واكتفى الكل منهم ببيانات فيها توصيفات وإدانات، ولم يتجهوا عملياً بما يرقى إلى مستوى المسؤولية من جهة، وإلى مستوى المظلومية الرهيبة للشعب الفلسطيني من جهة أخرى.
كل الجهات التي تُقَدِّم نفسها ذات دور معين، أو مسؤولية معينة، تتفرج إلى حدٍ كبير، فبالرغم من المسؤولية الإنسانية، والأخلاقية، والقانونية على تلك الجهات، هي تعترف على نفسها، وتُقَدِّم نفسها ذات دور وذات مسؤولية وأنها معنية بأن يكون لها موقف أمام أحداث دون مستوى ما يحصل في فلسطين بكثير.
هناك أيضاً تقصير من معظم الدول الإسلامية في المنطقة العربية وغيرها، بالرغم أيضاً من المسؤولية الإيمانية، والدينية، والأخلاقية، والإنسانية من جهة، وبالرغم من مصلحة كل الأمة في أن تقف مع الشعب الفلسطيني في مواجهة عدوٍ مشترك، هو عدوٌ للمسلمين جميعاً يعاديهم، ويستهدفهم، ويتآمر عليهم في دينهم وفي دنياهم، ويستهدفهم بكل أشكال الاستهداف، وبالرغم من الخطورة الكبيرة على أمتنا في التخاذل، تجاه ما يفعله العدو الصهيوني اليهودي الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني المسلم العزيز، فعندما تعتمد الدول الإسلامية في البلدان العربية وغيرها استراتيجية التخاذل والتفرج تجاه الشعب الفلسطيني؛ سيكون هذا هو الحال مع أي بلد مسلم آخر، سواءً من البلدان العربية أو غيرها، سيتفرجون عليه، فيما يحدث عليه تماماً.
وما وراء استمرار العدو الصهيوني اليهودي في ممارساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، ومواصلته لعدوانه على غزة، بالرغم من فشله في تحقيق أهدافه المعلنة، سواءً فيما يتعلق بالأسرى الذين ظفر بهم المجاهدون الفلسطينيين، أو فيما يتعلق بأهداف أخرى: القضاء على المجاهدين في فلسطين، كل تلك الأهداف التي هي أهداف باطلة ومشؤومة سقطت وفشلت، ولم يحققها، ولم يتمكن من تحقيقها، لكنه مستمر بالإجرام بشكلٍ بشعٍ جداً، المحصلة اليومية عادةً ما تكون فوق مائة شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، أحياناً يصلون إلى عدة مئات، إلى ثلاثمائة،      إلى أربعمائة، إلى… وفي أقل الأحوال فوق المائة شهيد معظمهم من الأطفال والنساء محصلة أربعة وعشرين ساعة، كل أربعة وعشرين ساعة، عدى الجرحى الذين هم بالآلاف إلى اليوم، الشهداء بالآلاف، والجرحى بعشرات الآلاف، كذلك حالات التهجير والنزوح التي هي بمئات الآلاف، فاستمرار العدو الصهيوني في جرائمه الشنيعة البشعة، أمام مرأة ومسمع من كل العالم، الكل يعرف أن وراء ذلك، وراء تلك الجرأة لمواصلة ذلك الحقد والإجرام: المشاركة الأمريكية، والدور الأمريكي، والإسهام الأمريكي المباشر.
الأمريكي متورطٌ مع الإسرائيل في كل جرائمه، وقدَّم كل أشكال الدعم، قَدَّم الصواريخ التي يقتل بها أطفال فلسطين، ونساء فلسطين، والقنابل، وقذائف الدبابات، ومختلف أنواع الدعم العسكري، وحضر من العسكريين الأمريكيين من يشارك في الجرائم، في إدارة العمليات الإجرامية التي تستهدف الشعب الفلسطيني، في وضع الخطط لتدمير غزة وقتل الفلسطينيين، وكذلك على مستوى الطائرات الأمريكية التي ترصد وتقدِّم المعلومات، ويبنى على معلوماتها في الاستهداف للشعب الفلسطيني، أضف إلى ذلك تقديم الأمريكي للمال بشكلٍ مستمر، وتقديمه أيضاً للدعم السياسي الواسع، بما في ذلك في مجلس الأمن، واستخدام الفيتو ضد أي قرار لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، والاعتراض العلني الواضح والمفضوح ضد وقف الحرب على الشعب الفلسطيني، إذا حصل دعوات من دول هنا أو هناك يبادر الأمريكي بالاعتراض، ويصر على استمرار العدوان، واستمرار الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وَيُقَدِّم الدعم الإعلامي، وَيُقَدِّم من وراء ذلك شكلاً آخر من أشكال الدعم والمساندة والمشاركة للعدو الإسرائيلي، في مواصلة جرائمه البشعة، التي لا مثيل لها في كل العالم، ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، هذا الشكل هو منع الدول الأخرى من تقديم أي مساندة فعلية للشعب الفلسطيني، واستهداف من يقف مثلما هو الحال مع شعبنا العزيز ومع محور المقاومة.
الأمريكي وقف منذ اليوم الأول، في العدوان الأخير والتصعيد الجديد على قطاع غزة، وقف هذا الموقف، يسعى إلى تهديد العالم الإسلامي في البلدان العربية وغيرها من تقديم أي مساندة للشعب الفلسطيني، على مستوى المساعدات الإنسانية؛ ولذلك أين هو السخاء العربي في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني، بما يحتاج إليه الشعب الفلسطيني؟ ولماذا لم تتجه البلدان العربية وغيرها من البلدان المسلمة لكسر الحصار، وإيصال المواد الغذائية والأدوية إلى الشعب الفلسطيني في غزة؟ لأن هناك منع أمريكي، والبقية استجابوا له، الكثير استجابوا له، وكذلك التهديد من أي مساندة أخرى؛ ليبقى الموقف العام لمعظم الدول العربية، ومعظم الدول الإسلامية بشكلٍ عام، في مستوى تعاطف إعلامي، بيانات، إدانات، تصريحات في بعض الأوقات، وبطريقة فيها فتور وضعف واضح، وتفاعل محدود، بل البعض يتجه على المستوى الإعلامي بتفاعل سلبي ضد الشعب الفلسطيني لمصلحة العدو الصهيوني، كما هو حال بعض وسائل الإعلام العربية للأسف الشديد.
فالأمريكي اتجه مع العدو الإسرائيلي، في المشاركة في كل ما يفعله بالشعب الفلسطيني، ومع ذلك اتجه من وراء ما يقدمه بشكل مباشر لاستهداف الشعب الفلسطيني، لمنع أي مساندة للشعب الفلسطيني، واستهداف من يساند الشعب الفلسطيني، أو يقف معه بشكلٍ عملي، وهذا أمر واضح من جانب الأمريكي.
سعى أيضاً إلى حشد الدعم من دول متعددة للعدو الصهيوني، دفع بالدول الأوروبية، التي تخنع له، وتخضع له، وتطيعه، وتأتمر بأمره، لتقدم أشكال الدعم للعدو الصهيوني، كما هو حال ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بعض البلدان الأوروبية؛ أمَّا البريطاني فهو ذلك التابع، الخاضع، الذليل، وهو أيضاً من أذرعة الصهيونية، هو ذراعٌ صهيونيٌ قديمٌ من قبل أمريكا بنفسها في خدمة اللوبي الصهيوني في العالم، وسعى أيضاً إلى محاصرة الشعب الفلسطيني، والتحريض ضده، والتوصيف له بالإرهاب، يجتمع الاتحاد الأوروبي ليوصِّف الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال وقياداته المجاهدة بالإرهاب.
كل هذه الوقفة مع العدو الصهيوني، بالرغم مما يمتلكه من إمكاناته، في مواجهة الشعب الفلسطيني، بالرغم من ظروفه الصعبة، يعني: أمريكا بكل إمكاناتها الهائلة والمتطورة، وبكل نفوذها الدولي، وبريطانيا بحجم ما تمتلكه كذلك من إمكانات ونفوذ، وتقف معها أبرز الدول الأوروبية، من مثل: ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، كُبريات الدول الأوروبية، يقفون بكل ثقلهم، بكل إمكاناتهم، لتقديم الدعم العسكري، وتقديم الدعم السياسي، وتقديم الدعم المالي، وتقديم كل أشكال الدعم للعدو الصهيوني الإسرائيلي، الذي يمتلك هو إمكانيات هائلة على المستوى العسكري، وصولاً إلى القدرات النووية، والأسلحة النووية، وَيُصَنِّع الدبابات، والطائرات، ومختلف أنواع العتاد الحربي، ويمتلك مختلف أنواع السلاح، ومن أضخم أنواع السلاح تطوراً، ويمتلك المصانع العسكرية، ولديه جيش كبير، عِدَادُهُ مئات الآلاف من المقاتلين، ومن قوة الاحتياط، ولديه وضع عسكري شامل، هو كيانٌ بنا كل وضعه وواقعه ككيان عسكري، ثم أيضاً يمتلك الإمكانات الاقتصادية الضخمة، واليهود عادةً يمتلكون كبريات الشركات العابرة للقارات، والإمكانات المالية الهائلة والضخمة، والإمكانات الاقتصادية الكبيرة، يقفون معه بما يملكه من إمكانات، في العدوان على الشعب الفلسطيني الذي لا يمتلك السلاح، ولا يتوفر سوى السلاح البسيط بكميات محدودة جداً لمجاهديه الأبطال، وبعض من الأسلحة المتوسطة، والصواريخ كذلك بمستويات في مديات محدودة، وإمكانات محدودة، الشعب الفلسطيني الذي هو معذب، ومضطهد، ومظلوم، ومحتلةٌ أرضه، وإمكاناته على المستوى الاقتصادي في نقطة الصفر، ليس لديه إمكانات اقتصادية، شعب احتل الأعداء أرضه، ونهبوا ثرواته، وسيطروا على مقدراته، فالأمريكي، والبريطاني، والألماني، والفرنسي، والإيطالي، كلهم يقفون بكل إمكاناتهم الهائلة مع الإسرائيلي، بما يمتلكه من إمكانات هائلة وضخمة عسكرية واقتصادية، ليقتل الشعب الفلسطيني المظلوم، المحتلة أرضه، الأعزل من السلاح، الذي لا يمتلك إمكانات ولا قدرات اقتصادية، وليعذبوه، وليدمروا مساكن الشعب الفلسطيني، ليدمروا ما يمتلكه من إمكانات بسيطة، ليدمروا المنازل التي يسكن فيها الفلسطينيون، ويقتلوا الفلسطينيين فيها، ليدمروا ويستهدفوا الشعب الفلسطيني، وفلسطين أرضاً وإنساناً، هذا الذي يحصل.
لماذا هذه العدوانية، هذا الإجرام، هذا التوحش؟ لماذا هذه الجدية الكبيرة لأن يتحركوا مع العدو الإسرائيلي بكل إمكاناتهم، ليشاركوه في إجرامه المفضوح والبشع، والذي يستنكره كل دول العالم، تستنكره كل الشعوب في العالم، لماذا يفعلون كل ذلك؟ لماذا هذا الاهتمام الكبير؟ وينطلقون بهذه الجدية والاهتمام الكبير؟
بايد يتجه، وهو طاعٌ في السن، ووصل إلى مستوى في كبره وشيخوخته وضعفه وهرمه في حالة متأثرة، حالة سلبية على مستوى واقعه الصحي، قدرته الذهنية، قدرته البدنية، يصعب عليه حتى الصعود في سلم الطائرة، أو النزول من سلم الطائرة، بادر ما بعد السابع من أكتوبر إلى فلسطين المحتلة؛ ليُعَبِّر بشكلٍ مباشر وشخصي عن مناصرته للعدو الصهيوني، وعن وقوفه معه، لم يعذر نفسه بأنه قد صار طاعناً في السن، وأنه يعاني في وضعه الصحي على المستوى الذهني والنفسي والبدني، رأى أن عليه أن يذهب- بالرغم من كل ذلك- أن يذهب إلى فلسطين من أقصى الأرض، أن يأتي من البعيد، من بعد أكثر من تسعة آلاف كيلو متر، ليصل إلى فلسطين المحتلة، وليقف مع الصهاينة اليهود، وليقول عن نفسه بأنه صهيوني، وأنه سيقف بكل ما يستطيع مع الصهاينة اليهود ضد الشعب الفلسطيني، وفي التنكيل بالشعب الفلسطيني، والاضطهاد للشعب الفلسطيني، والقتل للشعب الفلسطيني.
وهكذا يقف الأمريكيون والبريطانيون، بهذه الجدية والاهتمام والاستمرارية، والإيثار للموقف مع الصهاينة اليهود حتى على حساب المصالح الحقيقية لشعبهم وبلدهم، لماذا هذا الاهتمام؟ من غير الغريب على أمريكا هذا التوجه، وعلى بريطانيا هذا التوجه.
الأمريكيون لديهم تاريخهم الإجرامي، الأسود، تجاه مختلف الشعوب، ليس فقط في العالم الإسلامي، بل وفي البلدان الأخرى، ومعروفٌ ما فعلوا حتى في أمريكا نفسها، وهم الذين أبادوا عشرات الملايين من السكان الأصليين في أمريكا، ممن كان يطلق عليهم (الهنود الحمر)، وما فعلوه بفيتنام، ما فعلوه في اليابان، ما فعلوه في بلدان كثيرة من العالم، معروفٌ عن الأمريكيين الإفلاس الأخلاقي، توجهاتهم السياسية لا ترتبط أي ارتباط بالجانب الأخلاقي، ولا تُعيره أي أهمية، ولا تعطيه أي قيمة، ويشطبونه بشكلٍ نهائي، لكن الدافع الأكبر والأهم من كل ذلك هو: التزامهم الصهيوني.
الكثير من القادة في أمريكا وفي المؤسسات الأمريكية الرسمية هم: إمَّا صهاينة، لديهم التزامات بفعل انتمائهم الصهيوني، وبسبب انتمائهم للصهيونية، وارتباطهم باللوبي اليهودي الصهيوني؛ أو البعض منهم خاضعون رغبةً أو رهبة. يعني: إن لم يكن صهيونياً، أصبح لديه الارتباط العقائدي بالصهيونية، الارتباط الفكري بالصهيونية، يؤمن باليهود أنهم شعب الله المختار، وأنه واجبٌ على كل الغرب أن يقف معهم وأن يؤيدهم، وأنه واجبٌ إبادة المسلمين جميعاً والقضاء عليهم، وتمكين اليهود لحكم العالم، وغير ذلك من الأفكار والعقائد الصهيونية، البعض إن لم يكن لديه هذا الانتماء، وهذا الارتباط، وهذه الصلة بالصهيونية والانتماء الصهيوني؛ فلديه خضوع:
  • إمَّا بفعل الرغبة: يطمع في مالهم، في علامهم، في نفوذهم، المبني على سيطرتهم على الرأي العام، على وسائل الإعلام، على المؤسسات المالية، قدراتهم المادية الضخمة.
  • أو رهبة: البعض قد يعرِّض نفسه لأن يحرق مستقبله السياسي في أمريكا؛ لأنهم سيحرقونه بفعل نفوذهم المالي، وتأثيرهم على الرأي العام هناك.
(بايدن) قال عن نفسه بأنه: [صهيوني]، يعني: هو من النوع الذي له صلة الانتماء بالصهيونية، (وبلينكين) قال عن نفسه بأنه أتى إلى فلسطين المحتلة ليعبِّر عن موقفه في وقفته مع اليهود الصهاينة في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني، بصفة أنَّه يهودي قبل أن يكون مسؤولاً أمريكياً، وهو بالتأكيد صهيوني أيضاً، وهذا هو حال الكثير من القادة في المؤسسات الأمريكية الرسمية، لديهم انتماء صهيوني، وهم ينظرون إلى اليهود وفق الرؤية الصهيونية، ولديهم توجهات عملية لخدمة اللوبي الصهيوني اليهودي في العالم، ويعتبرون ذلك التزامات عليهم أن ينفِّذوها، وفي سبيل ذلك هم مستعدون أن يفعلوا كل ما يريده اللوبي الصهيوني اليهودي منهم، ولو كان جرائم واضحة، سياسات خاطئة مفضوحة، ولو كان على حساب مصالح بلدهم أو شعبهم، لا يهم، هم يعتبرون الالتزامات الصهيونية فوق كل شيء، وأنها واجبة التنفيذ، وأنَّ عليهم أن يبادروا لتنفيذها مهما كانت النتائج، فهم ينطلقون من هذا المنطلق، فهذا هو حال الكثير أيضاً في الحزبين: الديمقراطي والجمهوري في أمريكا؛ ولذلك يتنافسون حتى في الانتخابات، ويكون من أهم ما يتنافسون فيه: من يقدِّم الدعم أكثر لإسرائيل؛ لأنهم يتوددون إلى اللوبي اليهودي الصهيوني بمستوى نفوذه في أمريكا، له هذا النفوذ، وهذا التأثير.
ثم هم أيضاً يتَّجهون بناءً على ذلك، ويشطبون كل الاعتبارات، أمام التزاماتهم الصهيونية لتنفيذ ما يريده اللوبي الصهيوني اليهودي منهم ليس هناك اعتبار للأخلاق، ولا للقيم، ولا للقوانين، ولا للالتزامات الدولية والمنظمات الدولية، لم يعد هناك من أهمية لا لأمم متحدة، ولا لمجلس أمن… ولا لأي شيء، هم يرون أنَّ تلك الالتزامات لصالح الصهيونية اليهود فوق كل اعتبارهم، يشطبون كل الاعتبارات: القانونية، الأخلاقية، الأعراف، العناوين الإنسانية التي عادةً ما يوظِّفونها في اتجاهات أخرى في غير سياقاتها، لا يبقى هناك حقوق للإنسان، إذا كانت المسألة مسألة لمصلحة الصهاينة اليهود، لا يبقى هناك حقوق للطفل، لا يبقى هناك حقوق للمرأة، قائمة الحقوق تشطب بشكلٍ كامل، ويُبدُون وجههم الحقيقي، يُبدُون حقيقتهم لكل الشعوب، ولكل بلدان العالم، طغيان واضح، إجرام واضح، تعنت وصلف، وتجاوز لكل الحقوق والاعتبارات بشكل مكشوف وواضح، وهذا ما يحصل بالضبط في هذه الأيام بكلها، لأكثر من مائة يوم في فلسطين، الأمريكي يشارك في الجرائم اليومية البشعة، جرائم الإبادة الجماعية، ويقدِّم المساندة الواضحة المكشوفة لاستمرارها، يشارك فيها، ويرعاها، ويحميها؛ لتستمر، وَمُصِرّ على ذلك، ولا يبالي حتى بأن ذلك سيشوهه.
طغيانهم، عدوانهم، إجرامهم، ظلمهم، جورهم وحيفهم، وهم يقتلون الآلاف من الأطفال والنساء في فلسطين في غزة، يهدمون المنازل، يحتلون الأرض، كل هذا يفعلونه بكل جرأة؛ من أجل الصهيونية اليهودية، وهم يعتبرون أن ذلك ما ينبغي عليهم أن يفعلوه؛ لكي يكونوا أوفياء ومطيعين، ويفوا بالتزاماتهم للصهيونية.
في المقابل علينا أن نتساءل نحن، نحن المسلمون في كل العالم الإسلامي علينا أن نتساءل: كيف ينبغي أن نتعامل نحن كأمةٍ مستهدفة؟ أولئك يفعلون ما يفعلون وهم في مقام الظلم، الطغيان، العدوان، الإجرام، ليسوا في مقام دفاع عن النفس، ولا في مقام دفاع عن حقوق، ولا أي شيء، يأتون من أقصى الأرض، من البعيد إلى عالمنا الإسلامي، المسافة دولة هناك تبعد عن فلسطين بأكثر من تسعة آلاف كيلو متر، البعض عشرة آلاف، البعض ستة آلاف، ثلاثة آلاف، وهكذا مسافات بعيدة جداً، ويأتون الى بلداننا، كيف ينبغي أن نتعامل نحن كأمة مستهدفة وشعوب مظلومة؟ وماهي التزاماتنا نحن تجاه قضايانا العادلة، تجاه موقفنا الحق؟
الشعب الفلسطيني المظلوم، الذي قامت بريطانيا أثناء احتلالها لبلده باستقدام الصهاينة اليهود، وتمكينهم من احتلال فلسطين؛ حتى لا يذهب البريطاني إلا وقد ضَمِن للصهاينة اليهود تمكينهم من احتلال فلسطين، وبناءهم كقوة تتمكن من تنفيذ هذا المطلب لهم، وتحقيق هذا الهدف من أهدافهم، هم منذ ذلك اليوم والشعب الفلسطيني يعاني، شعب احتُلَّت عليه أرضه، صُودِرت عليه ثرواته، هُدِّمَت منازله، الممارسات الإجرامية التي يعاني منها كل يوم، منذ ذلك الزمن وإلى اليوم، على مدى عقود طويلة من الزمن، قُرابة الثمانين عاماً، نحن على مقربة من ثمانين عاماً وهو يعاني هذه المعاناة، معاناة يومية، هدم للمنازل، كم احتل الصهاينة اليهود عليه من أرضه ومن وطنه، ولا يزالون في كل يوم يمارسون تلك الجرائم بحقه، قتل يومي، في كل يوم وهم يقتلون؛ إنما تتراوح المسألة، في مراحل معينة يكون هناك تصعيد شامل، مثل ما يحصل الآن في غزة، وأحياناً في مستويات أدنى وأقل، استهداف للمزارع، وقلع لأشجار الزيتون، واستيلاء بشكل مستمر على المزارع، على الأراضي، على البيوت، في أنحاء متفرقة من فلسطين، أماكن كثيرة سيطر اليهود عليها واغتصبوها بالكامل، وأماكن لا يزالون يهجِّرون من بقي فيها من الأهالي والسكان، وحصل هذا أيضاً في حدود فلسطين مع الأردن في هذه المرحلة.
الجرائم اليومية التي يرتكبها العدو الصهيوني في الضفة الغربية، إضافةً إلى ما يعمله في غزة، اقتحامات يومية، اعتداءات على الفلسطينيين في منازلهم، الاختطافات اليومية لهم إلى السجون… وهكذا، كل أشكال الظلم يمارسه اليهود بحقهم، مع هذا في نظر الأمريكيين والأوروبيين: هذا الشعب الفلسطيني الذي يعاني من هذا الظلم على مدى عقود من الزمن، ليس له الحق في أن يدافع عن نفسه، عن عرضه، ليس للفلسطيني الحق أن يدافع عن نفسه، عن أسرته، عن منزله، عن وطنه، عن مقدَّساته التي تهدد وتنتهك، وتنتهك حرمتها وقدسيتها من قبل اليهود الصهاينة، وإذا قام بأي عملية يُدَان، ويُسْتَنكر عليه.
الشعب الفلسطيني بما يعانيه من الطبيعي أن يتحرك، من الطبيعي أن يواجه ذلك الظلم الذي يعاني منه، من الطبيعي أن يتحرك ضد أعدائه اليهود الصهاينة، وهم يحتلون أرضه، ينتهبون ثرواته، يمارسون بحقه كل أشكال الظلم والإجرام.
ولهذا يتحرَّك المجاهدون في فلسطين، ومن ورائهم الشعب الفلسطيني، الذي يقف معهم، وهم يؤدُّون هذا الواجب المقدَّس في التصدي لظلم اليهود الصهاينة، في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة الواضحة، وقضيته العادلة الواضحة تماماً، في موقفهم الحق ينطلقون ليجاهدوا في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأداء هذا الواجب المقدَّس، وعلى مدى كل هذه الأيام، أكثر من مائة يوم، والمجاهدون في غزة يقفون بكل استبسال، بكل تفانٍ، بدافعٍ إيمانيٍ عظيم، ويصمدون في مواجهة الآلة الإسرائيلية المدمِّرة والفتَّاكة والقاتلة، يستبسلون وهم متوكلون على الله، معتمدون على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولا همَّ للغرب إلَّا أن يصنِّفهم بالإرهاب، وأن يستكثر عليهم أن يواجهوا العدو الصهيوني، وأن يتصدوا لعدوانه، بالرغم من كل ما يفعله.
الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال بصبرهم، وصمودهم، وثباتهم، لهم الحق، وعليهم التزامات تجاه أنفسهم، تجاه أطفالهم، تجاه نسائهم، تجاه حقوقهم المشروعة، لديهم حقوق مشروعة، وقضية عادلة، ولديهم التزامات إنسانية، إيمانية، أخلاقية، التزامات بكل الاعتبارات، وحق مشروع بكل الاعتبارات: إنسانياً، قانونياً… بكل الاعتبارات، لهم الحق أن يدافعوا عن أنفسهم، أن يواجهوا العدو الذي يقتلهم، يدمِّر منازلهم، يحتل أرضهم، ينهب ثرواتهم، يبيد أطفالهم ونساءهم، ولكن الأمريكي يستنكر عليهم ذلك.
الأمريكي يرى أنَّه بناءً على التزامه الصهيوني؛ لأنه ينتمي للصهيونية، أنَّ له أن يقف مع الإسرائيلي، ليقتل الأطفال، ليقتل النساء، ليهدم البيوت، ليتفنن في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ليرسل الكلاب لنهش أجساد الجرحى حتى الشهادة، لاستهداف المستشفيات والمدارس، لتدمير المساجد وتدنيسها، وإحراق المصاحف، يرى أنَّ عليه أن يفعل ذلك؛ لأنه صهيوني، وألَّا يعترض عليه أحد، ولا يستنكر عليه أحد ما يفعله؛ ولكنه يستنكر على الفلسطيني، ويستكثر عليه تحركه الجهادي في قضيته العادلة، في موقفه الحق، في مظلوميته الواضحة ووضوح الشمس.
لاحظوا، عندما نقارن بين ما يرى الأمريكي أنَّه يمتلكه، وأنَّ عليه فعله، وأنَّه ضمن التزاماته لسبب واحد، هو: انتماؤه الصهيوني، وبين ما علينا كشعوب مظلومة ومستهدفة، في إطار حقوقنا المشروعة، وقضايانا العادلة، ومظلوميتنا الواضحة، ومواقفنا التي هي حقٌ واضح، مقارنة عجيبة.
الحق الإنساني، القانوني، الشرعي، الالتزام الإيماني والديني، هو للشعب الفلسطيني في جهاده، في مواجهته للعدو الصهيوني، في تصديه لطغيانه وظلمه، الذي يريده الأمريكي ويريده البريطاني من الشعب الفلسطيني: أن يبقى مكتوف الأيدي مستسلماً وخانعاً ومستباحاً، وألَّا يصدر منه أي ردة فعل تجاه العدو اليهودي الصهيوني عندما يقتل أطفاله ونساءه، ليسكت، ليستسلم، ليتجمَّد من دون أي ردة فعل، عندما تهدم منازله، عندما تحتل أرضه، ويحتل وطنه، عندما تستهدف مقدساته، أن يسكت، وأن يستسلم، لماذا؟! لأن أولئك صهاينة يهود، وهذا ما يفترضه أيضاً الأمريكي من كل العالم الإسلامي، من أي بلد له مشكلة مع العدو الصهيوني، بكل وقاحة قام (ترامب) آنذاك ليعلن عن إهدائه للعدو الصهيوني الجولان السوري، هكذا هي النظرة المستكبرة، نظرة الطغيان، والاستكبار، والإجرام، والعتو لدى الأمريكي، ولدى الصهاينة.
عندما نأتي إلى موقف الأحرار من أمتنا في محور المقاومة، إلى حزب الله في لبنان، وجبهته الساخنة، التي يقدِّم فيها كل يوم شهداء، وضرباته اليومية ضد العدو الصهيوني، عندما نأتي إلى أحرار أمتنا ومجاهديه من أبناء الشعب العراقي… وهكذا بقية الأحرار من أبناء الأمة، عندما يتحركون ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، والإجرام الصهيوني اليهودي، فهم يتحركون وهم يستندون إلى الحق الواضح، إلى المظلومية الواضحة، إلى الالتزامات الإيمانية والأخلاقية، هناك كل المشروعية، وكل الاعتبارات التي تبرر لنا كأمة إسلامية في البلدان العربية وغيرها، أن نتحرك لمساندة الشعب الفلسطيني، علينا التزام إنساني، علينا التزام أخلاقي، علينا التزام إيماني وديني.
إذا كان الأمريكي يعتبر أنَّ عليه أن يأتي من بُعْد أكثر من تسعة آلاف كيلو، من آخر الدنيا، إلى منطقتنا، إلى بلداننا، إلى مياهنا وبحارنا، ليساند العدو اليهودي الصهيوني، المحتل، المعتدي، الظالم، المجرم، الذي يقتل الأطفال والنساء، ويعتدي، وهو في موقف العدوان، والبغي، والظلم، والإجرام، فكيف لا يحق لنا في إطار التزامات الإيمانية والإنسانية والأخلاقية أن نقف مع الشعب الفلسطيني المظلوم، المعتدى عليه، الذي يقتل أبناؤه، ويقتل أطفاله ونساؤه، وتدمَّر منازلهم، الشعب الذي يجوَّع ويضطهد ويظلم، وهو جزءٌ منا، ينتمي إلينا كأمةٍ مسلمة، وهو جزءٌ من العرب أيضاً بالنسبة للبلدان العربية للأمة العربية، هو جزءٌ منهم في انتمائه، في نسبه، في دينه، في لغته، في انتمائه القومي… بكل الاعتبارات؟! كيف لا نقف لمساندة الشعب الفلسطيني من أجل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وعلينا التزامات بحكم انتمائنا الإيماني، التزامات لله؟!
(بايدن وبلينكين) الأمريكيون والبريطانيون الذين ينتمون للصهيونية، يعتبرون أنَّ عليهم التزامات لبعض الحاخامات اليهود، ولزعماء الصهيونية في اللوبي اليهودي الصهيوني، لمن هم مجرمون، لمن لديهم توجه وفكر إجرامي عدواني، يحتقر البشرية، يعتبر غيرهم ليسوا ببشر حقيقيين، لديه أطماع في كل العالم، في كل ثروة العالم، لديه توجه عدواني نحو كل العالم، زعماء للوبي اليهودي الصهيوني هم حفنة من المجرمين، من أشر خلق الله، من أسوأ البشر، هم أسوأ البشر إجراماً، لديهم فكر إجرامي، نزعة عدوانية شيطانية، بل من المعروف عنهم أنهم يعبدون الشيطان، وأنهم يؤلِّهون الشيطان، وأنَّ لديهم فكر شيطاني، يؤلِّه الشيطان؛ ولذلك ممارساتهم إجرامية، سياساتهم عدوانية إجرامية.
والقادة الأمريكيون والصهاينة في أمريكا، بناءً على احترامهم لأولئك من زعماء اللوبي الصهيوني، من أولئك المجرمون، أولئك السيئون، الأشرار الطغاة، الطامعون، الظالمون، المفسدون، الذين هم شر وخطر على كل البشرية، من أجلهم، واسترضاءً لهم، وطاعةً لهم، يقف الأمريكي هذه الوقفة مع الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وضد أمتنا بشكلٍ عام، فكيف لا نتوجه نحن بناءً على التزامنا الإيماني المشرِّف، الذي هو حق أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التزاماتنا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ربنا العظيم “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الذي يشرِّفنا أن نطيعه، ربنا “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي يريد لنا الخير، ويأمرنا بالحق والخير، أن نتحرك في إطار التزامنا الإيماني من أجل الله، في موقف حق، ليس فيه باطل، أولئك يفعلون الباطل، يقفون في صف الباطل؛ من أجل زعماء اللوبي اليهودي الصهيوني، وأن نتحرك في القضايا العادلة، أولئك يتحركون في جبهة الظلم، وهم يظلمون الناس، ويظلمون أمتنا، ويظلمون الشعب الفلسطيني بأبشع أنواع الظلم؟!
كيف لا نتحرك في إطار القيم والأخلاق؛ بينما أولئك يتحركون في إطار الشر والإجرام والطغيان، وكل المساوئ، وكل المخازي، وكل العيوب، يتحركون بطريقة وحشية، إجرامية، مفلسة من كل الأخلاق والقيم؟!
كيف لا نتحرك في إطار مصلحة أمتنا الحقيقية؛ لدفع أولئك الأشرار، الذين هم شر على أمتنا، يستهدفون أمتنا في دينها ودنياها، ليسوا خطراً فقط على الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني هو الآن يقاتل- وهو في الخندق الأول- لقضيته العادلة، ولكنه يقف في وجه عدو الأمة بكلها؟!
كيف لا نتحرك بالاستناد إلى الالتزامات الإيمانية، في كل العناوين التي هي عناوين مشرِّفة: الخير في مقابل الشر، الجهاد في سبيل الله تعالى، في مواجهة أولئك الكافرين، الذين يقاتلون في سبيل الطاغوت، في سبيل الاستكبار، في سبيل الظلم والعدوان؟!
كيف لا نتحرك لنصرة المظلوم في مواجهة أولئك الظالمين، الذين يقفون مع الظالم؟! كيف لا نتصدى للظالم، للطغيان، للعدوان؟! علينا التزامات إيمانية، التزامات أخلاقية.
إذا كان الأمريكي والبريطاني يرون أنَّ عليهم أن يقفوا بكل ما يقفون فيه: يقاتلون، يدفعون المال، يذهبون من أقصى الأرض ليتحركوا إلى بلادنا، إلى منطقتنا، في موقفهم الإجرامي، الظالم، المعتدي، المحتل…إلخ. كيف لا نتحرك نحن بجدية في إطار التزاماتنا الإنسانية الأخلاقية، حقوقنا المشروعة لشعوب أمتنا، وللشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ منا؟!
المسؤولية الإيمانية في انتمائنا للإسلام، للإيمان، في إيماننا بالله، ورسله، وأنبيائه، وكتبه، ومنهجه الحق، وتعليماته المباركة، كيف لا نتحرك بناءً على تلك التعليمات المقدَّسة، المباركة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مقابل أنَّ أولئك يتحركون بناءً على تعليمات سيئة، باطلة، من رموزهم وقادتهم في اللوبي الصهيوني اليهودي؟! نحن علينا التزامات أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التزامات بحكم انتمائنا الإيماني، أن نجاهد في سبيل الله، جهادنا في سبيل الله إذا لم يكن وقوفاً أمام ذلك الإجرام الصهيوني اليهودي الوحشي البشع جداً، الذي يستبيح كل شيء، يقتل النساء والأطفال بالآلاف، يستبيح حياة البشر، ويحتل الأوطان، وينتهب الثروات، ويظلم الناس بكل أشكال الظلم، يستهدف المقدَّسات برغم صلتها بأنبياء الله، يستهدف القدس، يستهدف المسجد الأقصى، مسرى النبي “صَلَواتُ اللهِ وَسَلَامُه عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه”، إذا كان اليهودي يتحرك وله- بحسب تصوره- والصهاينة كذلك، والأمريكيون يتحركون، كيف لا نتحرك في إطار الجهاد في سبيل الله للوقوف بوجه كل ذلك؟! وإلَّا فمتى سيكون الجهاد؟! إذا لم يكن وقوفاً ضد الطغيان الإسرائيلي اليهودي، والأمريكي الصهيوني، والبريطاني الصهيوني، متى سيكون الجهاد؟! ضد من ستجاهد أمتنا؟! في مواجهة أي طغيان، أي إجرام، أي منكر، أي كفر، أي استكبار ستقف أمتنا، إن لم تقف الآن في مقابل ذلك الطغيان، والكفر، والإجرام الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني؟!
نحن بكل الاعتبارات، في انتمائنا للإيمان، في الخير لنا في الدنيا، لنكون أمةً قويةً عزيزة، تتصدى لأعدائها، الذين يستهدفونها، وباعتبار الخير في الآخرة؛ لندخل الجنة، لنفوز برضوان الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لنسلم من عذاب الله، لابدَّ أن نجاهد، لابدَّ أن يكون لنا موقف.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: الآية142]، هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من خاطبنا في القرآن الكريم: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة: الآية41]، خيرٌ لنا في الدنيا لنكون أمةً عزيزةً حرةً مستقلةً، تدفع عن نفسها الضيم، والظلم، والهوان، تتصدى لأعدائها المجرمين الأشرار، الذين يتَّجهون بكل طغيان واستكبار لسحق أمتنا، واحتلال أوطانها، ومصادرة ثرواتها، واستعباد شعوبها.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” جعل من مسؤولياتنا الأساسية أن نجاهد في سبيله، بل جعل ذلك اختباراً لمدى مصداقيتنا في انتمائنا الإيماني، وهو القائل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد: الآية31].
نحن من هذا المنطلق ننطلق في موقفنا في مناصرة الشعب الفلسطيني، الذي يقتله الصهاينة اليهود بجرائم إبادة جماعية، ويحتلون أرضه، ويدمِّرون مدنه، ويستهدفون مقدَّسات الأمة فيه، وعلى رأسها المسجد الأقصى، هذا التزام إيماني، وعلينا أن نكون ضمن التزامنا الإيماني هذا أكثر جديةً واهتماماً تجاه تحرك الأمريكي من منطلق التزامه الصهيوني.
الأمة اليوم بين التزامين: التزام الأمريكي الصهيوني، والتزام أمتنا الإيماني، ومن هذا المنطلق تحرك شعبنا اليمني المسلم العزيز، يمن الإيمان والحكمة، لو لم يتحرك؛ لكان متنكراً كل التنكر، ومسيئاً إلى قول رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ))، لكن رسول الله لا ينطق عن الهوى، ينطق عن الله، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو من أخبره عن هذا الشعب، عن دوره في حمل راية الجهاد في سبيل الله، في انتمائه الإيماني على مرِّ التاريخ، منذ فجر الإسلام وإلى قيام الساعة.
من هذا الانتماء الإيماني، من هذا الالتزام الإيماني، وقف شعبنا اليمني المسلم العزيز وقفته الكاملة، بالقول والفعل، لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، ومجاهديه الأبطال، على المستوى العسكري: بالصواريخ الباليستية والمجنحة، وفي الموقف البحري: لاستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، ومنعها من الذهاب إلى موانئ فلسطين المحتلة لدعم الصهاينة اليهود، الذين يجوِّعون الشعب الفلسطيني في غزة، ويمنعون عنه الماء والغذاء والدواء، ويرتكبون بحقهم جرائم الإبادة الجماعية، هذا الموقف هو من منطلق إيماني، وعلى الأمريكي الذي يصر على أن يقف الموقف الباطل، الظالم، الإجرامي، يقف موقف الطغيان المستكبر، عليه أن يفهم ماذا نعني بانتمائنا الإيماني، وموقفنا الإيماني، موقفنا الإيماني عليه نحيا وعليه نموت، نحن مستعدون في إطار موقفنا الإيماني أن نستشهد في سبيل الله، أن نقدِّم النفس والمال في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أن نقدِّم كل شيءٍ في سبيل الله، أن نضحي بأعلى مستوى من التضحية، أن نواجه كل التحديات، وبالاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبالتوكل عليه، وبالاعتماد عليه “جَلَّ شَأنُه”.
إنَّ قيمة وثمرة ومصداقية الانتماء الإيماني، هو في مثل هذا الموقف، في مثل هذه الظروف، في مثل هذه المرحلة، تجاه ذلك المستوى من الطغيان والإجرام، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما قال في القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: الآية15]، الصدق عندما يقترن القول بالفعل، والفعل بالقول، هذه هي المصداقية.
وشعبنا انطلق من هذا المنطلق في التحرك الفاعل المؤثِّر على أعداء الله، المؤثِّر على الصهاينة، الذي كبَّدهم الخسائر بمليارات الدولارات، الموقف البحري كان له أثر كبير جداً، وهذا ما نريده، وهذا ما نسعى إليه، ونحن كنا منذ البداية ندعو الله أن يوفقنا للموقف الفاعل المؤثِّر في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، ومجاهديه الأبطال، والله وفَّقنا لهذا الموقف المؤثر على الأعداء، والذي أغاظهم، والذي أيضاً نلمس مدى تأثيره بالقدر الذي أغاظهم وأغضبهم، والتوجه الأمريكي والبريطاني مع الإسرائيلي إلى درجة العدوان على بلدنا، وإعلان الحرب على بلدنا، والاستهداف للبحرية في البداية، والاستهداف بالغارات وبالضربات الصاروخية من البحر أيضاً لبلدنا، هذا العدوان الذي انتهكوا به سيادة بلدنا، وورَّطوا أنفسهم في حرب مع بلدنا، بناءً على التزامهم الصهيوني، هو يشهد لمدى فاعلية تأثير موقف شعبنا العزيز، وقواته المجاهدة في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في الموقف البحري، الذي أغاظ الأعداء إلى هذه الدرجة، لم يعد يطاق بالنسبة لهم، لم يعدوا يتحملون أن يستمر هذا الموقف، أصبح يمثل مشكلةً وعامل ضغط حقيقي على العدو الصهيوني، فحركهم الأعداء بدءاً بالعدوان.
العدوان على شعبنا العزيز من جهة الأمريكي والإسرائيلي، بدءاً بالاعتداء على البحرية، الذي نتج عنه استشهاد مجموعة من الإخوة الشهداء، ثم تلاه أربع جولات من الغارات والقصف الصاروخي، آخرها كان البارحة، هو انتهاك وعدوان، وانتهاك مباشر لسيادة اليمن، اعتداء مباشر على الشعب اليمني، يتعمد الأمريكي أن يقول: [الحوثيين، الحوثيين]، الذي يفعله هو اعتداء على الشعب اليمني، الموقف هو موقف الشعب اليمني، من لديه شكٌ في ذلك ليشاهد الخروج المليوني لشعبنا العزيز في صنعاء وفي مختلف المحافظات، الموقف هو موقف شعبنا، والعدوان هو عدوانٌ على شعبنا، والحرب التي تورَّط فيها الأمريكي والبريطاني هي حربٌ ضد شعبنا العزيز.
هذا العدوان أولاً لن يغيِّر من موقف شعبنا والتزامه الإيماني في مناصرة الشعب الفلسطيني وسكان غزة، والاستهداف المستمر للسفن المرتبطة بإسرائيل، وهذا واضح في العمليات المستمرة، آخرها بالأمس، عمليات ضد السفن، بل وسيشمل ذلك السفن الأمريكية والبريطانية، لن يغير شيئاً من موقفنا، على الأمريكي أن يفهم أننا في مواقفنا الإيمانية ننطلق منطلقاً ثابتاً، لا يغيِّره الترهيب، ولا الاعتداء، ولا القصف، ولا الإجرام، ولا الضغط بكل أنواع الضغط، لا يُغَيِّر ذلك أبداً، لا يُغَيِّر موقفنا نهائياً، فموقفنا ثابت ومستمر، ونحن في موقفنا ماضون بكل فاعلية وتأثير، وبالاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ثانياً: لن يؤثر على قدراتنا العسكرية.
الأمريكي في الجولة الأولى من غاراته وعدوانه وقصفه الصاروخي، صوَّر للعالم أنه استهدف ما لدينا من منصات صواريخ، ومن قدرات صاروخية، ولكن اعترف حتى هو في الأخير أنه لم يتحقق له هذا الهدف، وفعلاً كان ذلك مجرد وهم، ودعاية إعلامية لا أساس لها، لم يأخذ الأمريكي الدروس والعبر فيما حصل من عدوان لتسع سنوات أشرفه هو عليه، هو يعرف أننا على مدى تلك السنوات كنا كلما تصاعد العدوان علينا؛ طوَّرنا قدراتنا العسكرية بشكل أفضل وأكبر، على مستوى: المديات، الدقة، القوة، على مستوى التعامل مع التقنيات التي يمتلكها الأعداء… إلى غير ذلك، ولذلك نحن نؤكِّد للعالم أجمع، أنَّ العدوان الأمريكي البريطاني سيسهم أكثر وأكثر- كلما استمر- في تطوير قدراتنا العسكرية بشكل أفضل، بل والأمريكي يعرف اختلاف نوعية السلاح الذي استهدفت به سفينة الأمس، فالأمريكي عليه أن يتيقن أنَّ مواصلاته للعدوان الذي أراد به حماية الإجرام الصهيوني على الشعب الفلسطيني، واستمرار الإجرام بحق أهل غزة، ذلك العدوان على بلدنا وشعبنا سيزيد من تطوير قدراتنا العسكرية في هذا البلد.
والحمد لله، أنا أقدِّم البشرى لشعبنا، هناك فعلاً خطوات، خطوات ملموسة من الآن في تطوير قدراتنا العسكرية، لن يؤثر على معنوياتنا شيئاً، شعبنا هو شعبٌ مجاهد، وشعبنا واجه عدواناً لتسع سنوات، وذلك العدوان بإشراف أمريكي، حوصر، دمِّر كل شيءٍ في هذا البلد، واجه شعبنا حصاراً شديداً لا يزال يعاني منه.
شعبنا بانتمائه الإيماني، وهويته الإيمانية، لديه الإرادة الجادة، والاستعداد للتحمل لكل ما يترتب على موقفه الإيماني المشرِّف من تابعات، أو تضحيات، أو معاناة، لديه استعداد لذلك، ومتعود على كل الحروب.
مسألة أنَّ أمريكا وبريطانيا دخلتا في الحرب بشكل مباشر، وأننا أصبحنا في مواجهة مباشرة بيننا وبين الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، هذا شيءٌ لا يخيفنا إطلاقاً، بل ارتحنا لذلك كثيراً، وحمدنا الله تعالى على ذلك، على هذه النعمة الكبيرة، على هذا الشرف العظيم: أن نكون في مواجهة مباشرة بيننا وبين الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، الذين هم أم الإرهاب، وجذور الإرهاب، ومنابع الإرهاب، وهم منبع الشر والإجرام والطغيان، وهم أشرُّ خلق الله ظلماً، وطغياناً، وإجراماً، وفساداً في الأرض، وهم منبع الفساد، وهم مصدر القلق والشر والمؤامرات على المجتمع البشري، نعمة كبيرة أننا أصبحنا في مواجهة مباشرة معهم؛ لأن سياستهم واستراتيجيتهم في كل المراحل الماضية: أن يضربونا بغيرهم، وأن يكونوا دائماً الطرف الذي يكسب، ولا يخسر، ولا يتعب؛ إنما يستفيد، أن يضربوا أمتنا بعضها ببعض، وأن يسلِّطوا تلك الدول على تلك الدول، وتلك الكيانات على تلك الكيانات… وهكذا، فنحن ارتحنا كثيراً، ومن الشرف الكبير لشعبنا العزيز أن يكون في مواجهة مباشرة مع أولئك الأشرار، المجرمين، أئمة الكفر، الطغاة، المستكبرين، الظالمين، المفسدين في الأرض، هذه نعمة كبيرة أن أصبحت مواجهتنا مباشرة لثلاثي الشر: (إسرائيل، وأمريكا، وبريطانيا)، هذه نعمة، ليس شيئاً يخيفنا، ولا يقلقنا، ولا يؤثر على معنوياتنا.
نحن كشعبٍ يمنيٍ ينتمي للإيمان نثق بالله تعالى، ونتوكل عليه، ونثق بوعده الصادق، هو “جَلَّ شَأَنُهُ” القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: الآية7]، انطلقنا في موقفنا لمناصرة الشعب الفلسطيني في غزة، لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم في كل أنحاء فلسطين، والذي ترتكب بحقه جرائم الإبادة الجماعية في غزة، انطلقنا من منطلق النصرة لله، الاستجابة لله، الطاعة لله، الالتزام الإيماني بيننا وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نحن نعتز بالله، نثق به أنَّه ملك السماوات والأرض، أنَّه المهيمن القاهر، أنَّه القوي العزيز، أنَّه العلي العظيم.
شعارنا في هتاف الصرخة في وجه المستكبرين، هتاف الحرية والبراءة مبتدؤه:
الله أكـــــــــــبر
الموت لأمريكـــا
الموت لإسرائيـــل
اللعنة على اليهود
النصــر للإســــلام
مبتدؤه (الله أكبر)، نحن ننطلق بوعي بما تعنيه (الله أكبر)؛ ولذلك قال السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” في بداية انطلاقة المسيرة القرآنية: ((أمريكا قشة))، من هذا المنطلق، بما تعنيه عبارة وجملة: (الله أكبر)، أمريكا قشة، نحن نعتز بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نعتمد عليه، نثق بوعده الصادق، هو القائل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: الآية40]، نحن نثق بهذا الوعد الإلهي المؤكد، ونثق بهذا التأكيد الإلهي: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
هل يمكن أن نقارن أمريكا أو بريطانيا، أو كل طغاة وأشرار ومستكبري هذه الدنيا بشيءٍ من بأس الله وقوته وجبروته؟ هم لا شيء أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
نحن نثق بقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة: من الآية14]، نحن نثق بوعود الله المتكررة في كتابه الكريم، نحن نؤمن بكتاب الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولذلك نحن ننطلق بثقة، لا يخيفنا الموقف الأمريكي، ولا يؤثر علينا، ولا يزعجنا في موقفنا إلى أن نتراجع عنه، أو أن يضعف موقفنا، بل بقدر ما تكون المواجهة مع الطغاة المستكبرين، والأشرار السيئين، مع أئمة الكفر، وقادة الظلم؛ بقدر ما نحن أكثر رجاءً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بأن ينصرنا، وأن يؤيِّدنا، بقدر ما إيماننا بنصر الله وتأييده أكبر، هل نتصور أنَّ التأييد الإلهي يأتي إذا كنت في مواجهة مع عدو تعتبر إمكانياته بسيطة، أو تعتبره ليس في مستوى يملك ما تمتلك من إمكانات وقدرات؟! نحن في مواجهة الأشرار، الطغاة، الظالمين، المفسدين في الأرض، ونحن أرجى ما نكون لنصر الله ومعونته وتأييده.
أمَّا المستجد الأخير في التصنيف الأمريكي بالإرهاب، فهو مضحك، الأمريكي من هو؟! الأمريكي الذي يرعى الإجرام الصهيوني في قتل الأطفال والنساء في غزة في كل يومٍ وليلة، الأمريكي الذي له تاريخه الإجرام الأسود، الذي لا مثيل له، الإجرامي المفلس أخلاقياً في كل القيم والأخلاق، آخرها: مصادرة الأخلاق في العفة والنزاهة الأخلاقية، والتبني لفاحشة الشذوذ الجنسي، الأمريكي المفلس إنسانياً وأخلاقياً، الأمريكي الذي ممارساته إجرامية، سياساته إجرامية، توجهاته كلها طغيانٌ وإجرامٌ واستكبار، يصنِّف الآخرين، الشعوب المظلومة التي يبتدئ هو بالعدوان عليها، ألم يبتدئ الأمريكي بالعدوان على بلدنا؟ ألم يشرف في العدوان على بلدنا لتسع سنوات، ثم يبتدئ بشكل مباشر في الاعتداء على البحرية، ويقتل من أبناء شعبنا، من قواته المسلحة في البحرية؟ ألم يبتدأ هو بالعدوان المباشر على شعبنا، ثم يأتي هو ليصنف الذين يعتدي عليهم، ويظلمهم، ويقتل منهم بغير حق، يصنِّفهم بالإرهاب، وهو هو منبع الإجرام والإرهاب والطغيان؟ الأمريكي أصلاً لا يمتلك الأهلية لأن يصنِّف الآخرين بأي تصنيف، هو في وضعية لا أخلاقية، لا إنسانية، لا يمتلك شيئاً من القيم.
هذه الخطوة هي تأتي في سياق حماية الإجرام الصهيوني فقط، اعتداءاته، غاراته، تصنيفاته، وليس لها أي أهمية، هل يمكن أن نقلق منها حتى لا يترتب عليها غاراته؟ هو ابتدأ بالغارات قبل التصنيف، ابتدأنا بالحصار، ابتدأنا بالعدوان منذ سنوات طويلة.
ولذلك ليس هناك ما يمكن أن يقلقنا، أو أن يؤثر على موقفنا، سنواصل دعمنا كشعبٍ يمني، ومساندتنا ومناصرتنا للشعب الفلسطيني، والضغط بكل الوسائل، بما فيها استمرار موقفنا في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، بما فيها الوسائل العسكرية في الاستهداف بالقصف إلى فلسطين المحتلة، حتى ينتهي العدوان على غزة، وينتهي الحصار ضد غزة.
من حق غزة أن تتدفق إليها المواد الغذائية والطبية، وأن يصل إليها الغذاء والدواء، من حقها أن يكون إليها منافذ لوصول ما تحتاجه من غذاء ودواء ومتطلبات إنسانية، من البر والبحر والجو، هذا حق مشروع لأهل غزة، من حقهم أن يستمر التدفق من معبر رفح بما يصل إليهم عبر هذا المنفذ من المساعدات دون توقف، ودون إعاقة أبداً، ومن حقهم أن يكون لهم ممر مائي إلى غزة لوصول ما يحتاجونه عبر البحر.
الأمريكي يريد أن تكون البحار آمنة لوصول ما يقدِّمه من مساندة وإمكانات للعدو الإسرائيلي، ولتصل للعدو الإسرائيلي إمكاناته وبضائعه، ما يحتاجه، تجارته، في الوقت الذي يجوِّع فيه الشعب الفلسطيني، من حق الشعب الفلسطيني أن يكون لديه ممر مائي، وأن تصل إليه إضافةً إلى المنفذ المصري، أن يصل إليه أيضاً عبر البحر، وعبر الجو أيضاً، هذا حق مشروع للشعب الفلسطيني، وليس فقط معبر رفح.
سنتصدى للعدوان الأمريكي البريطاني الداعم لإسرائيل، الساعي لاستمرار الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، المساند للإجرام الصهيوني، وبلدنا سيصنفهما في قائمة الدول الحامية والراعية والداعمة للإرهاب الصهيوني، سنصنفهم كذلك، وتصنيفنا لهم تصنيف بحق، وهم يشاركون أصلاً في الإجرام الصهيوني.
في هذا السياق أؤكد أيضاً من جديد الدعوة لكل الدول في الحذر من التورُّط مع أمريكا وبريطانيا في العدوان على بلدنا، وفي العدوان على الشعب الفلسطيني، أمريكا تسعى لجرِّ بقية الدول إلى المشاركة والإسهام المباشر في العدوان على الشعب الفلسطيني، ورَّطوا ألمانيا لتدخل في مواقف خطيرة عليها، وسيئة جداً، تسهم بشكلٍ مباشر في قتل الشعب الفلسطيني بقذائف الدبابات، وبتقديم أشكال أخرى من الدعم للإجرام الصهيوني، وهذا ما تريده أمريكا: تريدنا الآخرين أن يقفوا معها لدعم الإجرام الصهيوني، واستهداف من يقف بوجه الإجرام الصهيوني.
نشيد بكل المواقف الإيجابية تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، ونؤكِّد على ضرورة المواصلة النشطة للتحرك في مساندة الشعب الفلسطيني، نحن في كل الكلمات الماضية حذَّرنا من الملل، الشعب الفلسطيني يعاني كل يوم من مظلوميته، بل تتفاقم مظلوميته، كلما استمر الحصار، واستمر التجويع؛ كلما زادت معاناته أكثر وأكثر، استمرار جرائم الإبادة الجماعية أيضاً مأساة يومية، تزيد من معاناته بشكلٍ كبير، والمأساة متفاقمة في غزة؛ ولذلك المسؤولية تتضاعف، ليس الوقت وقت ملل ولا فتور، تتضاعف على أمتنا الإسلامية في المقدِّمة، في البلدان العربية وغيرها، كلٌّ عليه مسؤولية بقدر ما يستطيع، مسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، سيسأل عنها يوم القيامة.
في كثير من البلدان بوسع الناس أن يقاطعوا البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وأن يكون لذلك تأثير مباشر على الأمريكي والإسرائيلي، بوسعهم أن يقاطعوا منتجات أي بلد يتورَّط أكثر، ويدخل في الإجرام والصهيوني، ويشارك في الإجرام والصهيوني، ويكون لذلك تأثير كبير، أمتنا أمة كبيرة، البلدان العربية لوحدها ومعها أيضاً بقية البلدان الإسلامية، إذا اتَّجهت هذا التوجه له تأثيره.
للأسف الشديد على المستوى الرسمي في العالم الإسلامي، في البلدان العربية وغيرها، لم تصل المواقف الرسمية إلى مستوى حاسم، على مستوى المقاطعة الاقتصادية، المقاطعة الدبلوماسية، مواقف عملية فاعلة، لكن ينبغي أن نتحرك نحن كشعوب بكل ما نستطيع، فهناك بلدان يمكن تفعيل سلاح المقاطعة فيها بشكل أكبر، مع أنَّ هذا على الجميع، على الجميع، من يقف عسكرياً يقف أيضاً في مسألة المقاطعة، يتحرك على مستوى المقاطعة، كما يتحرك عسكرياً، ولكن بقية البلدان يمكنها المشاركة في سلاح المقاطعة، وفي المناصرة الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل المتاحة، يجب أن يكون هناك تصاعد في الموقف، وتحرك نشط.
إذا كان الآخرون– كما قلت في بداية الكلمة- تحرَّكوا بدافع التزاماتهم الصهيونية، وتحرك (بايدن) الخرف، الطاعن في السن، الهرم، الذي يصعب عليه حتى الصعود في سلم الطائرة، إلى فلسطين المحتلة من على بعد أكثر من تسعة آلاف كيلو، ويشق على نفسه ليتحرك مع الصهاينة، فكيف لا يتحرك أبناء هذه الأمة بطاقاتهم، بقدراتهم، بإمكاناتهم مع الشعب الفلسطيني، بحكم التزاماتهم الإيمانية بينهم وبين الله؟!
لابدَّ من المواصلة النشطة للتحرك وتوسيعه، بكل أشكال التحرك: المظاهرات والمسيرات في مختلف البلدان، ومنها في البلدان الغربية، في أوروبا وفي أمريكا، يجب أن تستمر، وبوسع الجاليات العربية والإسلامية أن تقود من بقي لديهم شيءٌ من الإنسانية في تلك المجتمعات، في مظاهرات ضاغطة، لها تأثيرها، ولها صداها، في مناصرة الشعب الفلسطيني، والموقف ضد المشاركة الأمريكية والطغيان الأمريكي في الإجرام الصهيوني، هذا شيءٌ مهم.
في هذه المناسبة أيضاً أتوجه إلى الجاليات اليمنية، سواء في أمريكا، أو في أوروبا، لأن تتحرك بشكلٍ نشط، أنا أؤمل في الجاليات اليمنية بقدر ما تحرَّك شعبنا العزيز في الوطن تحركاً مميزاً عن كثيرٍ من الشعوب، أن يتحركوا هم هناك تحركاً مميزاً، بمعنى: أن يكونوا أكثر نشاطاً، أكثر تفاعلاً، أكثر سعياً في تحريك الآخرين في المظاهرات، وفي النشاط الإعلامي في مواقع التواصل الاجتماعي وغيره، في اظهار مظلومية الشعب الفلسطيني، ومدى الإجرام الصهيوني، ومدى بشاعة الموقف الأمريكي والبريطاني، ومواقف الدول التي اتجهت في نفس الاتجاه، كألمانيا وغيرها، هذا شيءٌ مهم.
بالنسبة لشعبنا العزيز، أتوجه إليه ليخرج يوم الغد- إن شاء الله- يوم الجمعة المبارك في صنعاء في ميدان السبعين عصراً، وفي بقية المحافظات بحسب الترتيبات المعتمدة لها، كالعادة خروجاً مليونياً حاشداً، هذا الخروج- كما قلت في الأسبوع الماضي- هو جزءٌ من موقفنا اليوم، وموقفنا هو جهادٌ في سبيل الله، موقف شعبنا اليوم هو موقف جهاد في سبيل الله تعالى، موقفٌ مشرِّف، موقف حق، موقف في إطار الالتزامات الإيمانية، في مقابل ما يعمله أولئك الأشرار بناءً على التزامات الصهيونية لأشرار ومجرمين وطغاة، ليكون الخروج يوم الغد من أجل الله، في إطار الالتزامات الإيمانية، ابتغاءً لمرضاة الله، نصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم، الذي يقتل المئات من أبنائه، بل استشهد الآلاف من أطفاله ونسائه، الشعب الفلسطيني المظلوم الذي تحرك طغاة وأشرار العالم ليواصل العدو الصهيوني إجرامه بحقه، لنخرج يوم الغد خروجاً مشرفاً كبيراً، ولنحذر من الملل، أنا حذَّرت من الملل، الخروج إلى ساحة المظاهرات شيءٌ بسيط في مقابل التزاماتنا الإيمانية، التي تصل إلى درجة أن نضحي بأنفسنا وأموالنا في سبيل الله تعالى.
ليكون الخروج- إن شاء الله- خروجاً كبيراً ومشرفاً كالعادة، أملي فيكم كبير، أملي فيكم بما تمتلكونه من إيمان، من قيم، من أخلاق، من رجولة، ولتشييع الشهداء في العدوان الأمريكي البريطاني كذلك يوم الغد إن شاء الله.
أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛