يعد المولد النبوي الشريف يومًا هامًا يحتفل فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها بذكرى مولد أشرف الخلق أجمعين،سيدنا محمد صلاة الله عليه وعلى آله وصحبه، فقد أراد الله تعالى بمولده ورسالته للعالم أن يخرج الناس من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام وهنا أستلهم تلك الكلمات التي قالها جعفر أبن أبي طالب سلام الله عليه أمام ملك الحبشة النجاشي حين لحق بهم وفد من قريش إلى الحبشة لإعادة المهاجرين إلى مكه قائلا: «أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف،فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته ودعانا إلى الله لنوحده ونعبده،ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام»فهذا هو مضمون أهمية هذا النبي القائد الذي اجتث الله على يدية كل شيء قبيح وأزهق الله به الباطل والمنكرات وبه جعل الله الأمة عزيزة تهابها وتدين لها كل الأمم،فكانت رسائله لملوك وسلاطين العالم تُشرق و تضيء منها كل معاني الهيبة والإباء { اسلم تسلم } بكلمتين ارتعدت قصور كسرى وانهارت إمبراطورية هرقل وتفتحت أبوب وحصون صنعاء طواعيةً تهللا بقدوم {طه} ورسالته الإلهية لتبدأ معها علاقة عظيمة ربطت اليمنيين برسول الله على مدى التأريخ.
فيقول أمير الشعراء أحمد شوقي في مولد النور والهدى محمد صلاة الله عليه وعلى آله:
ولد الهدى فالكائنات ضياءُ،، وفم الزمان تبسم وثناءُ
وتعطّر الكون الفسيحُ بنوره،، وتوالت الأنوار والأنداءُ
ألفُ وردةٍ وبَسَمات على وجوهِ الصغار والكبار في وطن الإيمان والحكمة في ذكرى ميلادِ رسولِ الله(صلاة الله عليه وعلى آله وسلم)
فكلما مرت ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم زادت العبر والدلالات والأدلة على عظمة هذا النبي الكريم عند اتباعه ومحبيه، وعند قارئيه من غير المسلمين حين يقف الواحد منهم موقف القراءة الواعية المنصفة البعيدة عن التعصب الأعمى فمحمد عليه السلام لم يرفع مقامه سوى المقام الذي منحه له ربه، ولم يسمح بأي تجاوز، بل وقف مصححا لكل منحى في اتجاه التجاوز نقل عن ربه عز وجل قرآنا يُتلى إلى يوم القيامة،لم يقبل أن يتجاوز المبدأ الذي أكد عليه من أنه ينقل عن الله تعالى «إن هو إلا وحي يوحى».
لقد نبعت عظمة محمد صلى الله عليه وعلى آله من صدقه ومنطقه وبساطته وتواضعه وكافة الجوانب الأخلاقية في حياته التي هي غاية في الرُقي والسُمو «وإنك لعلى خلق عظيم»، فقد كان يتفهم من حوله ويقدر أحوالهم وضعفهم وحتى حينما يخفق سلوكهم يعذرهم ويحاول انتشالهم.كان صلاة الله عليه وفيا إلى أبعد حد حتى أنه ليذبح الشاة فيهدي إلى صاحبات خديجة بعد وفاتها.وعلاقته مع أهل بيته ومع الأطفال يوضحها ما حدث حين ابصر رجلا النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقبل الحسن والحسين عليهما السلام ، فقال : ( إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : إنه من لا يَرحم لا يُرْحم )،فإنه النبي الذي أرسله الله رحمة للعالمين وليس للعرب وحسب.
عظمة محمد صلى الله عليه وسلم تظهر في ايمانه بالحوار الحسن وليس سفك الدماء وتجييش الأمم عربا وعجما لقتل من يعارض نهجك وسياستك كما تفعل ذلك السعودية والإمارات وبدعم أمريكي لابادة وتدمير اليمن. إنه النبي الذي كان يمزح ولا يقول الا حقا، يبتسم ويحب ان يدخل السرور على الآخرين دون ان يكون سبب الضحك التهكم على الناس، بل فيه دروس وعبر .