ثورة 14 أكتوبر واحديةُ النضال اليمني المشترك وميلاد نصر يتجدد كُـلَّ عام

14 /10 / 2020م

مقالات:

طارق مصطفى سلام*:

يتفق الجميعُ أن اليمنَ من أقصاه إلى أقصاه مهما اشتدت عليه الأخطار وتوالت عليه الأزمات، لا بُدَّ لشمسه المشرقة بالنصر أن تبزغ، ولا بُدَّ للاحتلال أن ينجلي كما عهدنا وعشنا وتعلمنا على مدى السنين والأعوام، فاليمنيُّ بطبيعته العربية الوطنية لا يقبل العيش تحت أي واقع احتلالي يسلبه حريته وكرامته مهما كلفه ذلك من ثمن وتحت أي ظرفٍ كان.

والمتابعُ لمآلات الأحداث في اليمن، يجد أن اليمن بشقَّيه الشمالي والجنوبي سابقًا، كان يحمل روحاً نضاليةً واحدةً تجلّت بتدفق المقاتلين من كلا الطرفين لإسناد بعضِهما البعض في ثوراتهما التي توجتا بنصرٍ ساحقٍ، كان آخرها ثورة 14 أكتوبر المجيدة التي تعتبر نبراساً ومنهاجاً لكلِّ يمني يحمل بداخلِه اعتزازاً بالقيم والمبادئ اليمنية، فصنعاء كانت قد احتضنت روّادَ الحركة التحرّرية للجنوب، في مؤتمر سمي آنذاك بـ”مؤتمر القوى الوطنية اليمنية”، والذي حضره أكثرُ من 900 شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانبِ عددٍ من الضباط الأحرار وقادة من حركة القوميين العرب، وتمخض عن ذلك الاجتماع تأسيسُ “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتلّ”، التي تحول اسمُها إلى “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتلّ”، في أغسطُس 1963م.

إن اليمنَ اليومَ يشهدُ واقعاً مغايراً من الناحية الجيوسياسية والاجتماعية والوطنية، فاليمنيون المقسمون قد صاروا واحداً، والعدوُّ أصبح واحداً والقيادة واحدة، وهو ما يتحتم تعزيز الرؤى والأفكار والطاقات لمواجهة العدوِّ المتربص باليمن بصورة جبانة ودنيئة، ويحاول أن ينال من سيادته ويدنس حضارته ومجده، لينسبها إليه بعد أن دمّـر وقتل وشرّد على مدى 6 أعوام من عدوانه الغادر، فيحتلُّ جزءاً من أراضيه ويقتل ويشرّد الجزءَ الآخرَ، ليعكس بذلك الجرمِ مدى الخبث الوضيع الذي يحمله أُولئك الأعراب المتصهينون على اليمنِ أرضاً وشعباً.

إننا اليومَ وفي الذكرى الـ 57 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، نعيش واقعاً احتلاليًّا جديداً تتزعمه قوى الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وبريطانيا بدعم وإدارة عربية، ممثّلةً بدولة الإمارات ومملكة آل سعود اللتين تعتبران جناحي التآمر في المنطقة والوطن العربي، وتنفّذان الأجندةَ الغربيةَ في الأراضي العربية، ونلاحظ أن ثورة 21 سبتمبر 2014 قد نالت من طموحات تلك الدولة ووأَدَتْها، الأمر الذي أجبرها على التدخل العسكري في اليمن تحت مسمى تحالف عربي بعد أن وجدت في هذه الثورة سحقاً لكل مشاريعها التدميرية والعبثية في اليمن.

ومن أجل هذا وذاك، وبسواعدَ يمنيةٍ خالصة، يستنهض اليمنيُّ اليومَ أمجاده ويعانق طموحاته، لينهيَ كُـلَّ تلك المشاريع التي يراد بها دفن أحلامه وسلب حريته ونهب ثرواته، ويجعلنا جميعاً نقفُ على بعد مسافة واحدة من كُـلّ التحديات، لنرسم تاريخاً جديداً من النضال والمجد والنصر المحتوم بإذن الله، وإننا على موعدٍ قريبٍ مع يمن جديد وموحد وقوي ينتشل واقعَ الأُمَّــة من براثين العمالة والارتهان، ويقضي على طموحاتِ الغزاة الصغار وأحلامه صهاينتهم الكبار، ويكون مقبرةً لكلِّ من تسوّل له نفسُه النيلَ من اليمن وشعبه.

* محافظ عدن